عشائرنا العربية إلى أين؟
مع تجدد الاشتباكات في منطقة البوكمال بين أفراد إحدى العشائر العربية ومليشيا الفوج 47 الموالي لإيران، تعود إلى الواجهة مسألة العشائر ودورها الضعيف في المنطقة رغم كل ما تملكه من إمكانيات من مال وسلاح ورجال، إضافة إلى ما تملكه من حقوق شرعية تكفل لها حق الدفاع عن قيمها ومعتقداتها ومصالحها، وبالمقدمة الدفاع عن أنفسها.
وبلا شك يعود هذا الدور الضعيف للعشائر العربية إلى مجموعة من الأسباب، لعل أهمها تلاشي دور العشيرة الفعلي لعقودٍ حكَمَ فيها الأسد الأب الذي عمد إلى تفكيك المجتمع السوري عن طريق تهميش القدوات من مفكرين ومصلحين ورجال دين، وتقديم شخصيات منافسة لها ومرتبطة بنظامه القمعي.
وكان في مقدمة تلك القدوات رؤساء العشائر، حيث قدم في كل قبيلة شخصية منها، نافست شيخ العشيرة الحقيقي، كما منحها العديد من الامتيازات مثل عضوية "مجلس الشعب" أو بعض البلديات، وجعل اتصالها مباشرة بقادة أفرعه الأمنية لتسهيل حركتها ورفع شأنها أمام العشيرة.
هذا الإجراء قسّم الكثير من العشائر على نفسها، وخلق توترات بين القبيلة الواحدة، الأمر الذي أضعف شأن القبيلة بنظر أبنائها.
ومن الأسباب المهمة كذلك، انعدام الثقة بين أبناء القبائل، وهذه وصلت ذروتها في مرحلة الثورة بعد استئثار بعض القبائل على بعض الثروات مثل النفط وحرمان عشائر أخرى من هذه الثروات، ما خلق حالة حسد وحقد عمقت الفجوة بين العمل العشائري أكثر.
الضبابية وعدم الوضوح بالمرحلة الحالية جعل الكثير من رؤساء العشائر يلتزمون الحياد حفاظًا على عشيرتهم وعدم زجها في نزاعات غير معروف عقباها، حسب اعتقادهم.
ارتباط بعض العشائر بأصحاب النفوذ بمناطق السيطرة مثل النظام أو قسد مثلًا، وتورط بعضها بمجازر أو جرائم يحاسب عليها القانون، وهو ما يدفع الكثير من زعماء القبائل إلى التضحية للحفاظ على الوضع خوفًا من المحاسبة مستقبلاً.
قلة خبرة معظم قادة العشائر بالعمل السياسي وبخطورة المرحلة التي تمر بها المنطقة، يدفع بمثل هؤلاء القادة إلى التردد في اتخاذ أي قرار حتى ولو كان يصب في مصلحتهم .
كل هذه العوامل تضعف من مكانة العشائر العربية، كما تؤثر على القوى الأخرى التي باتت تتردد في الاعتماد عليها في أي حل أو رؤية مستقبلية من المفترض أن تكون فيها هذه القبائل بمثابة العمود الفقري في المنطقة خصوصًا وفي سوريا عمومًا، ولكن هيهات.
كتبه عمر مرمر
10 تشرين الثاني نوفمبر 2024