شبكة عين الفرات | أبطال الدوري أهُم

عاجل

أبطال الدوري أهُم

على مدى الخمسة أيام الماضية وخلال إعدادي لهذا المقال اطلعت على كثير من صفحات الفيس بوك والانستغرام لأشخاص يعيشون داخل مدينتي دير الزور وخارجها بعضهم موالون وبعضهم معارضون وبعضهم من المغلوب على أمرهم من المستضعفين.

أما الموضوع الأهم الذي كان قد شغل الناس هناك فهو مباراة الفتوة والوثبة أو كما يسميها بعض المشجعين المتحمسين بأهم 90 دقيقة من المئة وثمانين المتبقية في عمر الدوري السوري، هذا الدوري الذي لا يكاد يسمع أو يهتم به كثير من السوريين في الخارج نجده يشغل شريحة واسعة من السوريين في الداخل غالبيتهم من المثقفين أو المحسوبين عليهم.

أما عن الآراء فكانت متفاوتة من شخص لآخر حسب موقعه الاجتماعي وحالته المادية ومصالحه الشخصية ، فمن وجهة نظر" أبو خالد " المدرس المتقاعد الذي غالباً ما يدعو في كتاباته إلى توجيه الاهتمام للطبقة الفقيرة المعدمة مستغرباً من صرف كل هذه الأموال على الرياضة بينما هناك عائلات صارت تبحث في حاويات القمامة عن  بقايا خبز أو بعض الخضار أو الفاكهة والاستفادة منها قبل أن تتعفن أو تتلف واصفاً هذا المنظر بأنه صار مؤخراً من المشاهد المعتادة في دير الزور، كما استغرب حالة الاهتمام الزائدة بهذه المباراة لدرجة أن أحد المصلين الساجدين بجانبه في صلاة الفجر كان يدعو بصوت عالٍ مناجياً ربه بأن ينصر عباده ' لعيبة الفتوة ' بهذه المباراة المصيرية.

أما المحامي" أحمد " فقد اكتفى بتنزيل صورته مع رئيس النادي عضو مجلس الشعب والذي يتزعم إحدى المليشيات المسؤولة عن تهريب النفط وهما على منصة الشرف في أحد الملاعب وفي الخلفية صورة بشار الأسد مرفقاً معها بعض الأغاني التي تتحدث عن البطولة والرجولة والنصر الذي طال انتظاره لهذه المدينة المقهورة.

ووسط التنقل بين هذه الصفحات ما بين موالٍ منتفع  ومعارض متألم ورياضي متحمس لفت انتباهي حديث "أبو خولة " أحد أعضاء رابطة مشجعي نادي الفتوة حين سأله مراسل إحدى الشبكات المحلية من أمام (عرزيلة ) وهي مكان مسقوف بأعواد القصب وتحيط به مجموعة من جدران البلوك وكالعادة كانت صورة بشار تتصدر المكان حيث تجمع وسطه عشرات الشبان وهم يحملون أعلام النادي يشجعون ويهتفون أما شاشة كبيرة كانت تعرض عليها المباراة ، وقد اعجبتني إجابة  أبو خولة على سؤال الإعلامي عن توقعاته حول المباراة فأجاب باختصار وهو يمسح عرقه الذي يتصبب على وجهه قائلاً ( ماعدنا غير هالفرحة ماعدنا غير هالفرحة ) ثم سحب طفلين بعمر الخامسة عشر عاماً إلى جانبه و قال أليس من حق هؤلاء أن يفرحوا؟؟؟ نحن هنا لنشجع نادينا.

برأيي كان جوابه تلخيصا مختصراً للوضع الذي يعيشه السوريون بشكل عام وليس أهل الدير فقط فليس هناك مناسبة للفرح إلا هذه المناسبة بعد أن انعدمت أسباب الفرح وقلت مناسبات السعادة بعد الحال الذي وصل إليه الناس هناك .

فالزواج الذي كان حلم كل شاب وفتاة لم يعد متاحاً اليوم بعد أن وصل سعر غرام الذهب نصف مليون ليرة ناهيك عن مصاريف الزواج الأخرى التي تكلف الملايين، في حين راتب أقدم موظف لايتجاوز مئة وخمسين ألف ليرة لا يكفيه مصروف ثلاثة أيام.

أم تفرح الناس بالتخرج؟؟؟ وقد أصبح التخرج كابوساً للشباب في ظل نظام الأسد الذي لا يكاد يقف عن حملات سوق الشباب إلى التجنيد وزجهم في معاركه ضد أهلهم وشعبهم لذلك امتنع كثير من الشباب عن التخرج واستعصوا في السنة الأخيرة بغية الحصول على تأجيلة نظامية من الخدمة في جيش الأسد.

أما إنجاب الأولاد فصار صنفاً من أصناف العذاب خاصة بعد التكاليف الباهظة للولادة وما بعد الولادة من حليب وفوط ومصاريف أخرى ما أجبر كثير من الناس للتخلي عن أطفالها في مناطق النظام وتكرار حالات العثور على لقطاء بسبب ضيق الحال وقلة الموارد.

بالرغم من إجابة أبو خولة المختصرة إلا أنني وجدت فيها كثير من الشرح والشرح المفصل لحال هؤلاء الشباب الذين لم يجدوا مناسبة سوى هذه المناسبة يستطيعون فيها التعبير عن مافي داخلهم من فرح ممزوج بالألم ، وربما اشتياق هؤلاء الشباب لنصر حقيقي لا يظلم فيه أحد ولا يقتل أو يشرد فيه أحد .

وبالعودة للمباراة أذكر ما كتبه الأستاذ "محمود" على صفحته مذكراً الجميع أنه في حال فاز الفتوة بالدوري يكون أول نادي حاز هذه البطولة ولم يلعب أي مباراة على أرضه للإشارة على منع النادي من لعب أي مباراة داخل دير الزور لأسباب لا يعلمها إلا الله والاتحاد الرياضي العام وفهمكم كفاية.

 

كتبه عمر مرمر

أخبار متعلقة