في ذكرى الثورة
خاص - عين الفرات
في ذكرى الثورة تختلط المشاعر وتتعثر الكلمات في وصف الحدث، ما يحظرني في كل ذكرى هو الهتافات التي صدحت بها حناجر الشباب والبنات وحتى الأطفال، في هذه الهتافات تعرف أسباب هذا الخروج المهيب "عاشت سورية ويسقط بشار الأسد " في ظل الأسد لا حياة ولا عزة لسوري، عقود من الخوف والرعب عاشها السوريون حتى أورثوها لأولادهم، عقود من التمييز العنصري في الجامعات والمعامل في المؤسسات والمدارس، في سورية الأسد الناس درجات حسب الطائفة والدين والمعتقد.
ومن الهتافات التي لاتنسى " واحد واحد واحد الشعب السوري واحد"؛ إذ لطالما حاول النظام زرع الفتنة والتفرقة بين أبناء البلد الواحد والطائفة الواحدة وحتى العشيرة ، لم يسلم منه ولا أصغر تجمع شعبي على مستوى الأرياف والقرى، إلى أن جاءت الثورة لتحطم صنم العنصرية والطائفية فتجلى ذلك واضحاً منذ أول مظاهرة وعند اول رصاصة أطلقها النظام المجرم، عند وقوف أهل دير الزور مع درعا وأهل ريف دمشق مع حمص وأهل الرقة مع حلب والسويداء جميعهم كأنهم جسد واحد جراحاتهم واحدة وأملهم واحد و ألمهم واحد.
في ذكرى الثورة لا ننسى التضحيات، تضحيات الشباب الواقفين بصدورهم العارية أمام القتلة المدججين بالسلاح، تضحيات الأهالي حين يفتحون أبواب بيوتهم يستقبلون الهاربين من دوريات الموت مغامرين بأنفسهم وأموالهم، تضحيات الأمهات اللاتي يودعن أبنائهن وفلذات أكبادهن قبل كل صلاة جمعة، تضحيات الأطباء والممرضين، تضحيات التجار والإعلاميين.
ولعل الهتاف الذي كان بمثابة النبوءة للسوريين هو "يا الله مالنا غيرك يا الله" عندما عرف السوريون أن لا أحد يقف معهم في هذا المخاض العظيم إلا الله، فلم يثقوا ولا للحظة واحدة لا بصديق أوربي أو شقيق عربي او منظمة دولية أو هيئة حقوقية، ولعل تعاملهم مع كل هؤلاء كان فقط من باب القبول بالأمر الواقع.
في ذكرى الثورة لا ننسى منظر الأصنام وهي تهان و تداس بالنعال، تمثال "الفارس الذهبي" الذي كان متصلبًا وسط الساحة العامة كيف أُسقطه وسُحله الشعب!
كثيرة هي المواقف التي لا تنسى (فرحًا أو أسى) وستظل في ذاكرتنا ماحيينا، مناظر الدماء والشهداء مناظر المعتقلين والمهجرين، أصوات البراميل المتفجرة والصواريخ الروسية التي كانت تهز الأرض بعد انفجار ها.
ثورتنا حية ومستمرة إلى أن تحقق أهدافها، مع عهد الله لعباده المظلومين "إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون".
باقون على العهد ما بقيت السموات والأرض، لابد لهذا المخاض أن ينتهي بولادة سورية من جديد ليخلق جيل يعرف معنى الحرية ولا يخاف في سبيلها لومة لائم، عار وبوار لمن ذاق الحرية يوماً أن يتركها ويرجع إلى العبودية.
كتبه : عمر مرمر