احتجاجات السويداء.. لأنها نادت بإسقاط النظام هي إذًا في الاتجاه الصحيح
خاص - عين الفرات
ليس بعيدًا حسب معطيات كثيرة أن تتحول محافظة السويداء جنوب سوريا إلى ميدان تصفية متراكمات بين قوى متصارعة ومؤثرة في تلك المنطقة وهي إسرائيل وإيران ومليشياتها وروسيا، خاصة مع ما تشهده المحافظة هذه الأيام من احتجاجات اختلف حول أسبابها وأهميتها خاصةُ السوريين وعامتهم، إلا أن الثابت فيها أنها خرجت ضد نظام مجرم جعل من سوريا كلها وليس فقط السويداء، سبيلًا لكل ضالة لتحقيق أهدافها فوق مستقبل السوريين.
والثابت كذلك أن المحافظة لقيت من جور نظام الأسد الكثير الكثير، على اختلاف نسب ما تلقته مناطق سورية أخرى، وكان لها نصيبها كذلك من مشروع إيران التوسعي في عموم الشرق الأوسط، إيران التي أطلقت يد داعش على قراها ومدنها، وتركت أبناءها وحدهم يواجهون مصيرهم أمام إجرام التنظيم، فيما بقيت فئة من الأهالي على موقفها تنادي بالوقوف إلى جانب أخوتهم السوريين في مجابهة بطش النظام.
ومن المسلمات كذلك رفض المحافظة بكل تفاصيلها وشرائحها مهما اختلفت توجهات سكانها ضد مشروع إيران، الذي يكاد يصبح أمرًا واقعًا ورسميًّا في جنوب البلاد وعلى حدود إسرائيل حتى لو ابتعدت عنها بعض الكيلومترات تحقيقًا لبعض المعادلات الأمنية. هذا كله رغم ما تحمله الاحتجاجات الأخيرة من مطالب تتعلق فحسب بالأزمة المعيشية الصارمة، إلا أنها طرحت ولأول مرة مطلب إسقاط النظام دليلًا على اتساع مساحتها عمقًا، كعمق مطالبها.
يرى أهالي السويداء في طريقة تعاطي النظام مع أزماتهم انتقامًا منهم لرفضهم مشاركة أبنائهم بما يعرف "الخدمة العسكرية الإجبارية" مع قوات الأسد، وتدني نسبة دعم شرائح المحافظة عمومًا للنظام في كثير من المناسبات، آخرها كان فرض النظام احتفال السويداء بمناسبتين متتاليتين في تشرين الأول والثاني، مواقف سكان السويداء هذه أيًّا كان هدفها فإنها حملت موقفًا مرجوًّا من كل السوريين بنزع أي شرعية للنظام بأي شكل من الأشكال.
ومما أغضب الأهالي وكان أحد أسباب خروجهم هو المساحة الشاسعة التي فرضها النظام بينه وبين المجتمع، ووصفه أي حركة مضادة لسياساته أنها مدفوعة بمؤامرة خارجية، وكأن الأسد وحاشيته يعملون كقوالب جامدة منذ عام 2011 بداية الثورة، ضمن نفس تصريحاته وحلوله الجامدة التي أثبتت كارثيتها في كل مرة، وكذلك ضمن نفس خطه الرافض لكل تفاعل حقيقي مع المجتمع.
ولم يخجل النظام رغم ما تعانيه المحافظة من أزمات معيشية من وضع معظم مواردها المحدودة أصلًا، تحت تصرف إما شبيحته أو مليشيات إيران، وهذا يشير إلى نهج النظام المعتمد على إهمال وجود الغالبية الدرزية من أبناء المنطقة لصالح غزاة همهم نشر عقيدتهم، وهو ما فسره الدروز وأقليات أخرى كالعلويين والإسماعيليين أن النظام يتبنى مشروع إيران الطائفي على حساب حقوقهم ووجودهم وتاريخهم، وحاصلًا ليكن ما كان؛ يكفي احتجاجات السويداء أنها نادت بإسقاط النظام، ولأنها كذلك هي إذًا بالاتجاه الصحيح.