شبكة عين الفرات | أوروبا.. لم شمل وتطويق أم خُلع وتفريق!!

عاجل

أوروبا.. لم شمل وتطويق أم خُلع وتفريق!!

في الآونة الأخيرة، وبعد أن وصلت أعداد كبيرة من المهاجرين إلى أراضي أوروبا، واستقر الكثير منهم، وبدأ يؤسس لحياته الجديدة، بدأت حالات الطلاق تتفشى في أوساط العائلات اللاجئة، وبدأت تؤثر على نسيج الأسر العربية في العموم والسورية على الخصوص، وأدى نشوب هذه الظاهرة إلى جدل عقيم ينتهي كل مرة بإلقاء اللوم على الطرف الآخر.

لقد كانت الأسرة العربية أكثر تماسكًا داخل البلاد، إلّا أنَّ الكثير من الناس لا يرى ذلك تماسكًا و إنما جلّادة قائمة على قدرة الشريك في تحمل الطرف الآخر وتجاهل عيوبه و أخطاءه، آملًا في التغيير والتحسين أو يأسًا من القادم، وخوفًا من وصمة العار التي تدرجها معايير المجتمع.

لماذا تُتهم النساء اللاجئات بالتمرد إذا ما طلبن الخلع و الطلاق؟ 

كما أنَّ إكراه الإنسان على الزواج من شخص ما، هو أمر مرفوض، فإنَّ الإلزام على مواصلة الارتباط به هو أمر مرفوض أيضًا، فلا شيء يحدث بالإكراه خصوصًا في مثل هذه المجتمعات، لذلك ترى كثيرًا من النساء أنَّ مواصلة العيش في منزل تسوده أجواء التوتر والنكد هو أمر غير منطقي، في دولة يحكمهما القانون ويضمن للمرأة حقها في نيل حياة حرة و كريمة تمامًا كما يحق للزوج.

إلّا أنَّ مفاهيم المجتمع البالية التي كانت تنتشر في بعض المناطق العربية، لا زالت تلاحق السيدات هنا، فما إن طلبت امرأة ما انفصالاً عن شريكها، إلّا واتُهمت على الفور بالتمرّد والانحلال الأخلاقي والانفلات في كثير من الحالات، ويتم تجاهل الأيام الطويلة التي مرّت بمنتهى السوء على مرِّ الأعوام لانعدام الفرصة المناسبة التي تمنح الزوجة من اتخاذ قرار كهذا.

ورغم القوانين الصارمة في أوروبا تجاه العنف ضدَّ الزوجات، إلّا أنه إلى يومنا هذا لا تزال بعض السيدات تتعرّضن للعنف والضرب من قبل أزواجهن، وتخاف أن تلجأ للقانون الأوروبي نظرًا للخوف الذي اكتسبته من المجتمع الأصلي الذي تمكن من تجريم قرار الانفصال في رأس الكثيرات.

لكن فيه الوقت ذاته هناك الكثير من النساء اللواتي طلبن الطلاق نتيجة تجربة عنيفة، تعرضّن إليها من قبل أزواجهن لا سيما بعد أن عرفت المرأة قيمتها هنا، فلم تعد الشعارات التي تبرر لسلطة الرجل أي أثر على قراراتها، بل رفعت القوانين من شجاعتها في اتخاذ أي قرار كان.

لماذا انسحبت بعض النساء بعد أن لُمَّ شملهن؟

يرى أحد الرجال الذي قام باستقدام زوجته عن طريق لمّ الشمل، أنَّ زوجته لم تعد تحبه كما سبق، و أنها أصبحت تحاول أن تقضي أكبر وقت ممكن مع صديقاتها هنا في المجتمع الجديد، فضلاً عن البقاء معه، مما أدى إلى تصعيد الاصطدام بين رغباته ورغباتها، الأمر الذي انتهى بالطلاق بعد فترة طويلة من المحاولة، مما يرى البعض الآخر أنَّ هناك سيدات أُرغمن على الزواج من أزواجهن في البلد الأم تلبية لرغبات العائلة وأحيانًا القبيلة أو المجتمع، فيصبح هذا القرار الذي أتُخذ كرهًا و إلزامًا هشًا و ضعيفًا ينهار عند أول منعطف في الحياة الجديدة، فتدرك فيه المرأة أنها لم تختر شريك العمر، وأنَّ المجتمع الجديد لا يخضعها لأي قرار رغمًا عنها، مما يجعلها تفضل الانسحاب والاكتفاء بالعزلة أو الارتباط من جديد بمن تختاره إرادتها، لا إرادة من حولها.

هل الاستقلال المادي عند الشريك يربك العلاقة الزوجية؟

تتطلب الحياة في أوروبا إلى خروج المرأة والرجل كلاهما إلى العمل، وتحقيق الدخل المادي على الصعيد الفردي، وهذا ما يتضارب تمامًا مع ثقافة النفقة والقوامة في المجتمع الذي أتوا منه، ففي بعض الأسر أصبح عمل المرأة مع النفقة، هو أمر بديهي وواجب أسري يتوجب عليها، لذلك ترى بعض النساء أنَّ عملها هنا قد جعل زوجها يستند عليها، ويعتمد عليها كل الاعتماد في النفقة والمصروف، وبدأ يقصّر في واجبه مما أدى إلى دخول التوتر على العلاقة التي أصبحت فيما بعد مشكلة كبيرة قد انتهت بالطلاق، أما سيدات أخريات فيعتقدن أنَّ استقلالهنَّ المادي قد جعلهنَّ قويات غير ذوات حاجة، فإقامتهنَّ مؤمنّة و متطلباتهنَّ يقمنَّ هن بنفسهن في تحصيلها، لذلك كان الأمر الوحيد المطلوب من العلاقة الزوجية هو الحب والاهتمام، فإن غابت هذه النقاط انسحبنَّ بكل هدوء من العلاقة الزوجية، إذ أنَّ ما تزوجن لأجله مفقود فلما الزواج تتساءل إحداهن.

بينما يرى بعض الرجال أنَّ استقلالية زوجاتهن جعلهن أكثر تطلباً لتفاصيل أخرى و أكثر تعقيدا في الحياة الزوجية، فالزوجة المستقلة ماديًا لا يعجبها ما يقدمه الرجل حتى و إن أشعل لها أصابعه العشرة إذ أنها فعليًا تجد في نفسها النور كما يوضح بعض الأزواج ، فيما يرفض البعض الآخر هذه الفكرة  بل و يؤكد على ضرورة استقلال زوجته المادي لأنه يمنح العلاقة اكثر قوة و يرى أن الاستمرارية في هذا الظرف هو استمرارية علاقة قائمة على الحب و التفاهم لا على الأطماع المادية و استغلال جيب الزوج.

و يبقى الطلاق هو الحل الأفضل في حال كانت العلاقة مشحونة بالجدال والكراهية والمشاكل التي لا تنتهي، لا سيما لو كان هناك أطفال في الوسط الأسري، لكن في الوقت ذاته فالكثير من العائلات اتخذت قرار الطلاق هنا في أوروبا بكل هدوء وقرارة خارج عن إرادة الطرفين، وهناك تجارب عديدة قامت على التفريق بإحسان فتعاون الطرفين فيما بينهم حتى يحصل أطفالهم على حقوقهم في العيش الكريم دون أن يُهدد انفصال والديهم سعادتهم الطفولية.

وهذا ما يعتبره البعض نادر الحدوث في المجتمعات العربية، إذ أنَّ أكثر حالات الطلاق هناك تنتهي بحروب وعداوة بين الطرفين يكون الأطفال فيهم الضحية والورقة التي يتم فيها ابتزاز الطرف الآخر وحرمانه منهم في كثير من الوقت، بعد غياب القانون العادل والعقاب الرادع بحق من يتبع هذه الأساليب، ومن هذا المنطلق يصرّح الكثير من العائلات بأنَّ طلاق الوالدين في أوروبا لا يؤثر بشكل سلبي على الأطفال كما يحصل في البلدان العربية، إذ أنَّ الطفل في أوروبا وإن انفصل والداه، إلّا أنَّ الدولة والقانون يقدمان له حقوقه على أكمل وجه، ويلزما الوالدين بتقديم واجباتهم لأطفالهم على أكمل وجه أيضًا.

أخبار متعلقة