شبكة عين الفرات | المدني بمناطق الأسد.. خارج عن الملّة الثورية يحق لنا التشفي بمأساته!

عاجل

المدني بمناطق الأسد.. خارج عن الملّة الثورية يحق لنا التشفي بمأساته!

لم يعد خفياً على أحد مشاهد الطوابير المتتالية التي يصطف عليها أهلنا القابعين بمناطق سيطرة النظام السوري على امتداد جغرافيتها، والتي كان للعاصمة دمشق النصيب الأوفر من التغطية الإعلامية حولها.

حيث خلت المدينة، خلال الفترة الماضية، من المواصلات العامة "التكاسي والسرافيس" بعد قرار محافظة دمشق التابعة للنظام السوري بتخفيض كميات المحروقات المسموح  بها لسائقي سيارات التكسي إلى 20 ليتراً كل 4 أيام وإلغاء تزويد حافلات "السرفيس" بمادة المازوت.

وتناقلت وسائل الإعلام والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لتزاحم النسوة والرجال على أبواب الحافلات التي لا تزال تستطيع التحرك بما توفر لها من الوقود، وصوراً سابقة للمعلمات أثناء توجههنَّ إلى دوامهنَّ الرسمي داخل صندوق سيارة شاحنة، أو معلماً يتسلق السلَّم الخلفي لحافلة يصل بها إلى دوامه مخاطراً بحياته.

وعبَّر كل من شارك هذه الصور والأخبار عن رأيه، ليلفت نظري كما الكثيرين تلك الآراء التي تتشفى وتتناقل الصور؛ بنوع من الشماتة، على اعتبار أنَّ هذه الوجوه الظاهرة بالصور هي لمؤيدي رأس النظام بشار الأسد.

ويعلّل آخرون، ممن هم بمناطق الشمال السوري "المحرر" أو مناطق سيطرة "قسد" واللاجئين خارج البلاد على حد سواء تشفيهم بعبارة "بيستاهلوا.. هي مصير يلي بدو يضل بحضن الوطن ويكون مؤيد للنظام.. خلي الأسد ينفعكم."

للأمانة، تركت هذه التعليقات بداخلي جرحاً عميقاً، ونظرةً سوداوية تجاه ما آلت إليه الأمور، هل من المعقول أنَّ السوري بات يتشفى بأخيه السوري؟ أو بالنساء التي تزاحم على أبواب السرافيس لتعود من عملها إلى بيتها؟ أين الرجولة بهذا الموقف؟

صدقني عزيزي/تي أنَّ هؤلاء الذين تتشفى بهم ليسوا من مؤيدي الأسد، ولم يكونوا ممن قصفونا وهجرونا وتسببوا بمآسينا التي عانيناها على مدار العقد الأخير، والتي يعلمها القاصي والداني.

صدقني بأنَّ تهجيرك للشمال السوري، أو لجوئك إلى البلد الفلانية، لا يمنحك الحق بالتصرف على هذا الشكل، أو التشفّي بالمدنيين ومعاناتهم، أو تصوير التقارير حول توافر الخبز والوقود بالمنطقة التي تقيم بها مثلما رأينا ببعض المناطق، في الوقت الذي شهدنا فيه وفاة الكثير من "الختايرة" على طوابير الذل في حلب ودمشق.

وتهجيرك يا عزيزي، أو فقدانك لأحد أهل بيتك لا يمنحك صكَّ الثورية، وإن منحك هذا الصك، فإنه لا يمنحك حق التشفي بمأساة المدنيين وما أوصلهم إليه المجرم ذاته الذي أوصلك إلى ما أنت عليه.

هؤلاء الناس الواقفين على الطوابير هم الذين ذاقوا كما ذقنا.. هم أهلنا الذين لم يستطيعوا الخروج من حمص عاصمة الثورة، أو من الغوطة الشرقية والغربية والأحياء التي ثارت في العاصمة.. هم أهلنا في درعا مهد الثورة وشرارتها.. في حلب عاصمة الدمار الأكبر بالتاريخ الحديث.. وأهلنا في جبلة الأدهمية واللاذقية وأحياءها التي تحدت الظلم منذ البدايات.. هم أهلنا الذين ضيَّق النظام المجرم عليهم الخناق وجعل أبسط حقوقهم هي أقصى الأحلام.

وبين هؤلاء، والد ووالدة الشهيد، وبنت المعتقل، وشقيق المفقود، ومن تهدّم منزله ولم يجد بالتهجير ملاذاً أو لم يستطع ترك عائلته خلفه، ولكل منهم أسبابه.

أما من تقصد عزيزي التشفي بهم، فهم لا يتأثرون بالأزمات، يؤمنون وقودهم وخبزهم وغازهم بالسرقة والنهب، بحال كانوا من العناصر و "الشبيحة"، وربما لا يعلمون معنى كلمة أزمة وانقطاع مادة أساسية بحال كانوا من المسؤولين بالنظام السوري.

للأمانة، يحزنني كم خلَّفت بنا سنين الحرب من أمراض نفسية، وكم جعلت منا وحوشاً نقتات على الشماتة، ونجعل من مأساة من هم منا ونحن منهم، مادةً للسخرية وجمع اللايكات على مواقع التواصل.. ليبقى السؤال هنا: السوريون.. إلى أين!؟

أخبار متعلقة