"يوتيوبرز اليوم بُناة المستقبل" غزو يوتيوبي في المنطقة السورية!!
بعد حرب طحنت آمال السوريين وأحلامهم، وهجرة وتشريد طاحت بمنزل كل سوري، خرج الناجون منها بأعجوبة نحو عالم الأمن والاستقرار، بل الكثير من الرفاهية، و بالرغم من تحديات المجتمع الجديد، إلّا أنَّ عالم السوشيال ميديا قد خلق للمهاجرين فرصة ذهبية في الوصول لمجتمعاتهم والتواصل مع شريحة تلائم ثقافتهم.
ما الذي يدفع فئة كبيرة من الشباب السوري إلى خلق محتوى لا قيمة له على منصة اليوتيوب؟ و ما هي العوامل التي أثرت في تدني الفكر الثقافي والأدبي عند شريحة كبيرة من هؤلاء اليوتيوبرز؟
هي أسباب وعوامل كثيرة أهمها فراغ اجتماعي وضياع ثقافي أصاب المراهق السوري فور مجيئه للمجتمع الجديد، هذا الفراغ القاتل الذي كان ينبغي أن يتحول إلى مصدر إبداع واكتشاف لمكونات المجتمع الجديد، وخلق محتوى ترفيهي هادف يعرف العالم الافتراضي على تاريخ المجتمع الجديد وعاداته و تقاليده، فيجعل الشاب السوري من نفسه حلقة وصل بين قارات العالم ودوله وثقافاته ، لكنه مع الأسف قد تحول سريعًا إلى عالم فارغ تحشوه الفوضى، لا قيمة ولا جدوى، تندرج إنجازات فئة كبيرة منهم في توثيق لحظات الزواج والإنجاب والتسوق والمشاجرة، لتحصد بتلك المشاهد ملايين المشاهدات، وتسرق أضواء الرأي العام من قضية إنسانية تزداد بؤسًا عام بعد عام، إلى قضية ساذجة تتحرك من أجل تفاصيلها عشرات القنوات الفضائية والإلكترونية.
تتصدر بعض القنوات اليوتيوبية مكانًا عظيمًا في صناعة المحتوى الهادف والترفيهي في آنٍ واحد، حيث تقدّم المعلومات الثقافية والعلمية والأدبية بطريقة ترفيهية مسليّة، تزرع في روح المشاهد حب التطور والاكتساب، و هذه المنصات رغم قلتها عند صنّاع المحتوى السوري، إلّا أنها رغم ذلك، فلا تخلو من وجود بعض صناع المحتوى الهادف، لكنها ومع الأسف لا تلقى الكثير من الدعم والتفاعل لأنها لا تمثل الشريحة الأكبر من الجيل الحالي بعكس ما تفعله القنوات الساذجة.
المراهق السوري إلى أين؟
يترنح المراهق السوري اليوم يمينًا و شمالًا بين ضيق العيش في الداخل، و شتات الهوية في الخارج، قد يتحول هذا الصراع إلى عقد نفسية تتجلى في محاولة استراق الأنظار وجلب الاهتمام عبر أساليب طفولية لا تشبه واقعنا بصلة ولا عاداتنا ولا تقاليدنا أيضًا، وقد تساهم هذه الظاهرة في تدني مستوى الشعب السوري فكريًا وثقافيًا طالما لا تسلط الأضواء إلّا على تلك الشريحة من الناس.
تقدّم اليوم أضخم الفضائيات العربية فرصًا ذهبية في إظهار أصحاب المحتوى التافه على أنهم أصحاب قرار و صنّاع محتوى، بمحاولة فاشلة للمحطات الفضائية في إعادة الجمهور العربي نحو شاشة التلفاز، إلّا أنها في الحقيقة ساهمت بشكل كبير في تحجيم قادة هذه الحسابات.
اليوم و بعد عاصفة السوشيال ميديا، وعصر المحتوى المرئي، أصبح العامل الأول الذي يؤثر على تركيبة المجتمع فكريًا و أدبيًا و ثقافيًا هم أصحاب المنصات، بعد أن حلّوا مكان الكتب والبرامج التعليمية، وأصبحوا يتصدرون العالم الحديث تحت مسمّى "مؤثرون" فما هو مدى تأثيرهم؟ وهنا تدور التساؤلات حول ماذا يخبئ لنا الجيل القادم.؟