الزواج بات حلماً بالنسبة لشبان الرقة.. والظروف المعيشية تهدد بارتفاع معدلات العنوسة
خاص-عين الفرات
بات الزواج حلماً صعب المنال عن عموم الشباب السوري، فالأوضاع المعيشية المتردية أجبرت معظم الشباب على التخلي عن هذه الفكرة حالياً، على الرغم من كونها أساسية في حياة الشاب الراغب ببناء أسرة.
وفي الرقة لا يختلف الحال كثيراً عن المحافظات السورية الأخرى، فتردي الوضع المعيشي ساهم بشكل كبير في ذلك، ما جعل الموضوع الرئيسي الذي يدور في بال شباب الرقة هو الهجرة لخارج البلاد بحثاً عن حياة أفضل.
وتراجع عدد حالات الزفاف في الرقة وأريافها بشكل كبير، فارتفاع تكاليف ترتيبات الزواج لعب دوراً كبيراً في تراجع العديد من الشباب حتى عن التفكير فيه.
وانعكس الأمر سلباً على الفتيات في الرقة، حيث باتت المحافظة تشهد ارتفاعاً ملحوظاً لنسبة العنوسة بين الفتيات ممن تجاوزن العشرين عاماً.
وتقول سهام، وهي مدرسة سابقة في قسم الإرشاد الاجتماعي: "إنَّ تراجع نسبة الراغبين في الزواج واقتصاره على ميسوري الحال ساهم بظهور حالات اجتماعية خطيرة لم تكن موجودة سابقاً، ونرى في هذه الأيام العديد من الفتيات قد انتسبوا لوحدات ما يسمى (حماية المرأة) التابعة لـ(قسد)، وأغلبهن ممن تجاوزت أعمارهن سن المراهقة بقليل".
اقرأ أيضاً: "يتامى يا عمو".. جملة بتنا نسمعها كثيراً بأسواق الرقة مع انتشار ظاهرة التسول وغياب المنظمات
وأضافت سهام: "بالنسبة للشباب فتأمين المعيشة أهم بكثير من تكوين أسرة في هذه الظروف الخانقة التي تعيشها سوريا، وبما أنَّ الدولار يواصل التحليق فمن المؤكد أنَّ نسبة المقبلين على الزواج ستنخفض تدريجياً".
ومن جهته قال سعود،32 عاماً، من أهالي الرقة: " أنا لم أتزوج حتى الآن ولا أفكر حالياً بالأمر، جل ما أفكر فيه حالياً هو تأمين لقمة العيش لإخوتي الصغار، فقد توفي أبي بقصف لطيران التحالف في عام 2016 وأنا اليوم المسؤول عن عائلتي المكونة من 5 أفراد".
ويكمل سعود: "لو أردت أن أفكر بالزواج في هذا الوقت، فعلى الأقل أحتاج لقرابة الـ 3 مليون ليرة، وهذا مبلغ لا طاقة لي به، ولدي أيضاً أخ عمره 27 عاماً وحاله كحال معظم الشباب يريد الزواج ولا يستطيع".
أما ماهر، صاحب محل لتجهيز غرف نوم للعرائس قال: "إنَّ نسبة الأعراس تراجعت بشكل كبير عن السابق، فسابقاً كنت أبيع في الأسبوع الواحد 5 غرف نوم على الأقل، أما الآن ففي أحسن الأحوال لا أبيع سوى 2 خلال العشرة أيام".
موضحاً: "ويعود ذلك لعزوف الشباب عن الزواج بسبب تدني الوضع المعيشي من جانب، وارتفاع تكاليف الزواج من جانب آخر، كما أنَّ نسبة كبيرة من شباب المدينة يقطنون خارج القطر".
اقرأ أيضاً: في ظل ارتفاع الأسعار.. أسواق "البالة" مقصد الفقراء والأغنياء في الرقة
ويرى إبراهيم، شاب تزوج قبل نحو عشرة أيام أن هذه الظاهرة ستستمر لفترة طويلة، وربما لن تعود للتحسن إلا في حال وجود حل مستدام للأزمة السورية.
والجدير بالذكر أنَّ مدينة الرقة شهدت خلال الأعوام الأخيرة انتشاراً لظواهر دخيلة كالتسول والسرقة وتعاطي الممنوعات والدعارة، والتي تنتج بمعظمها عن الانحلال الخلقي الناتج عن الحرب من جهة، والفقر المدقع وغياب الرادع الأخلاقي والأمني من جهة أخرى.