لم يكن مطلوبًا من الجنرال أن يبتسم.. بل أن يرحل!
خاص - عين الفرات
مقدمًا ما سيكتب في هذا المقالليس انتقاصًا من جهد بُذل، ولا تخوينًا لسعيٍ أُنجز، إنما طرح رأي قصد البناء عليه لقادمٍ عسى أن يكون أكثر إتقانًا وموضوعية.
بانتظار بث حلقاتٍ إضافية من مسلسل (ابتسم أيها الجنرال)، ثبتت ثغرات عميقة في هذا العمل، جميعها تخص بنية النص دون أي تفاصيل تخص الإدارة الفنية له.
بداية مع أول شخصية ظهرت في المسلسل وهي شخصية الضابط المتقاعد "وضاح"، والذي حرك رئيس الدولة وأخاه ومخابراته في ما يشبه بداية ثورة أو انتفاضة أو على أقل تقدير عصيان، في الوقت الذي كان يُنتظر من العمل إبراز صورة الثائر الحقيقي الذي قلب الطاولة على النظام، وليست صورة المتمرد (الضابط السابق) الفاسد "زير النساء".
وبعد عصيان الضابط السابق تبرز طريقة تعاطي النظام مع مشكلاته، بطريقة أظهرت أن النظام يخوض صراعًا مع عائلته، علمًا أن المنتظر من العمل كان تصوير حقيقة إجرام النظام وعدوانه المستمر ضد شعبه، مع عدم نكران وجود صراع عائلي لكن هذا لا يعول عليه في مثل هذه الأعمال، خاصة أن طريقة طرح الصراع ترغم المشاهد أن يتعاطف مع أحد أطرافه بالضرورة.
هذا الصراع أظهر بالضرورة أيضًا الرئيس (بشار أو حافظ) شخصًا عقلانيًّا يطالب بالتريث، وعدم التصرف بطريقة عسكرية، وإذا افترضنا حسن النية من القائمين على العمل فإنه ومن دون قصد (ربما) فقد أخلى العمل مسؤولية رأس النظام عن المجازر التي ارتكبت في سوريا بأوامر مباشرة منه.
والدة الرئيس كانت ضمن عصابة القتل ولم تكن جزءًا يسعى للحل كما أظهرها العمل، والخال أيضًا قاتل سارق لثروات البلاد ولم يكن شخصًا يناضل من أجل سلامة ابنة أخته (بشرى الأسد ربما)، والتي بدورها اختُصرت بشخصية مظلومة من المجتمع ومن أخويها، شخصية قريبة للفقراء اختبأت في بيت بسيط مع أشخاص بسطاء أحبتهم وأحبوها، علمًا أن بشرى وفي أول خلاف مع أخويها على طريقة ذبح السوريين لملمت أشياءها بأموال السوريين المنهوبة وغادرت تعيش حياة فاخرة في الإمارات.
وفي الوقت نفسه، فإن الرد بذريعة أن هذا أقصى ما يمكن فعله في هذا الوقت يظهر عدم صحة الادعاء أنه هذا العمل أنجز خارج الرقابة، وإذا كان الأمر كذلك فإن أعمالًا سابقة لكاتبه حملت حقائق أقرب للواقع رغم تصويرها داخل مناطق النظام وفي ظل رقابته.
مع كل هذه الإشكاليات في المسلسل إلا أنه والحق يقال أوجع النظام وعائلته ومؤيديه، لأن طبيعة النظام جُبلت على رفض سماع أي حقيقة مهما كانت جزئية عن إجرامه وطريقة تعاطيه مع قضايا البلاد.
وبالطبع من الحماقة بمكان القول إن الأسد نجح خلال سنوات الثورة بإظهار وجهة نظره دراميا، لسببين: الأول أن النظام ليس لديه وجهة نظر إنما وجهة إجرامية لا تحتمل رأيين، والثاني أن ما قدمه النظام كان أباطيل مقززة للمشاهد السوي، وهنا السوي لأن من أعجبتهم مثل تلك الأعمال هم من نفس طينة النظام وبيئته.
وهنا لا بد من إثارة التساؤل، أين كانت مؤسسات الثورة الإعلامية والإنتاجية كل هذه السنوات، ولماذا لم تعمل في هذا الاتجاه من قبل ومن أرغمها على هذا الصمت الخام، وكذلك تساؤل لا يقل أهمية عن سابقه، هل خضع (ابتسم أيها الجنرال) لسلطة رقابية حطّت من قيمة المنتظر منه؟.
وختامًا تُرِك النظر بعنوان المسلسل ذاته؛ إذ لم يكن مطلوبًا من الأسد أن يبتسم، بل أن يرحل هو ونظامه.
عبد الله مسعود