ما الرسالة التي قدمها التعليق العربي في المونديال؟
خاص - عين الفرات
نشر "العربي الجديد" منذ أيام مقالًا فنّد فيه ملاحظاته حول التعليق العربي في المونديال، الحدث العالمي الذي أثبت قدرة تنظيمية منقطعة النظير لقطر، "العربي الجديد" قدم زاوية محقة عانى منها التعليق العربي ركز فيها على "المبالغة" التي ظهرت في الصراخ وتكرار جمل وكلمات معينة دون غيرها، ولن يكون هذا المقال سوى تتمة من زاوية ثانية تتساءل عن الرسالة التي قدمها التعليق العربي في المونديال، وعما إذا تمكن معلقو المونديال العرب والذين ظهروا على المحطات الراعية لبث مباريات البطولة الدولية، هل تمكن هؤلاء من تبني رسائل صحية إن كانت سياسية أو فنية أو ثقافية؟.
قد يعود متحامل ويقول وما شأن السياسة بالرياضة؟ ومع أن هذا التحامل ليس في محله سيكون النقاش في إطار الفهم النمطي لدور الرياضة، ليُطرح السؤال على مقاس النقاش وهو ماذا قدم هذا التعليق من جديد للثقافة الرياضية دون غيرها؟ خاصة وأنه في وقت مضى كان التعليق يقدم ثقافة عامة للمتابع، في حين بدأ اليوم يقدم صراخًا يُشعل المشاهد مؤقتًا ويخرجه منها لا يحفظ سوى عبارات لا قيمة لها في أي مجال، عبارات يكررها المقلدون على سبيل الكوميديا والفكاهة فحسب.
وفي خضم ما يجري من تجاذبات واستقطابات سياسية فرقت آراء وتوجهات متابعي المستديرة، تذرع معلق يحتل المكان الأول في الصراخ أنه إنما يتجنب الخوض في الخلافات كيلا يتعرض للانتقاد وربما العزل من وظيفته، تمامًا يتفق كل صاحب عقل مع طرح السيد ذو الصوت العال، ولكن أيها المعلق الفذّ ألم تجد نقاطًا يشترك فيها جمهورك تحدثهم عنها؟ في حال عدم وجودها حدثهم عن أعمار اللاعبين وعدد مبارياتهم وأهدافهم وتاريخهم وضف إلى ذلك خصوصياتهم لا بأس، هذا في أوقات هدوء الكرة، أما إذا هاجت الكرة وماجت في ملعبها وتعرض حارس مرمى الخصم لضربات كروية متتالية لك وقتها الحق في الصراخ وإثارة الحماس – بدون مبالغة كريهة- ثم عليك أن تهدأ لأنه ليس لك الحق في متابعة الصراخ عندما يركن الوضع في المستطيل الأخضر والكرة تسير بهدوء بين أقدام اللاعبين.
ذلك في حين لم يقدم هؤلاء جديدًا للغة العربية والتي لا يختلف على ضرورة تعزيزها عربيان، وحتى لم يتمكن معلقو المباريات من العرب على محطات رئيسية من إبراز دور قطر - الدولة المضيفة- في تنظيم المونديال، وهذا لو حصل لكرمتهم الدوحة ومحطاتها الرياضية ولانتشرت مقاطعهم على قنواتها الإخبارية منها، والوثائقية كذلك. وسيكون ذلك أفضل حالًا من طريقة فظة قدمها أحد المعلقين وهو "يجاكر" معلقًا أسيويًّا بطريقة بعيدة جدًّا عن الثقافة العربية خاصة أن الطرف الثاني لم يكن يفهم لغة معلقنا الذكي، وبصراحة كانت الصدمة الأكبر حين تداول إعلامنا العربي هذا المقطع دليلًا على الحاجة الماسة لمراجعة جذرية لسياساته الداخلية.
عبد الله المسعود