من البوكمال لدرعا مروراً بحلب .. محطات بمأساة السوريين منحت سليماني لقب "مهندس التغيير الديمغرافي"
وكالات
تختلط في هذه الأيام بين الأهالي والسكان بمنطقة الشرق الأوسط مشاعر متضاربة تكاد تقسمهم إلى حزبين، ما بين الفرحين بمرور الذكرى الأولى لمقتل سفاح المنطقة الأكثر دموية والقائد الأسبق لفيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، وبين اللاطمين والنادبين على رحيله من أذنابه الطائفيين المتواجدين بعدة بلدان عربية تغلغلت فيها ذراع الأطماع الفارسية وسيطرت على أدمغة فئات من شعوبها.
ولم تكن الساحتين السورية والعراقية بعيدتان عن المشهد العام بالذكرى الأولى، خاصةً وأنَّ الشعبين ذاقا ما ذاقا من الموت والتشريد والقهر على يد الميليشيات الإيرانية وعرَّابها الذي نشر الموت والدمار أينما حل.
وقد عانى الشعب السوري من البائد سليماني وعناصره الكثير، وعلى امتداد جغرافيا البلاد، حتى حمل المجرم لقب، مهندس التغيير الديموغرافي، بعد أن حاصر المدن والبلدات ودمرها وجوَّع أهلها ثم ساهم بتهجيرهم من منازلهم.
وهنا، نستذكر محطات من الجرائم التي ارتكبها والتي كان أولها بالشكل العلني تدمير مدينة القصير السورية بريف حمص الغربي في العام 2013، حيث قاد المعركة حينها مستعيناً بآلاف العناصر من ميليشيا حزب الله اللبنانية، والميليشيات متعددة الجنسيات التابعة للحرس الثوري الإيراني.
وأكدَّ تقرير لمجلة "نيويوركر" بالعام ذاته، بأنَّ سليماني يدير معركة السيطرة على المدينة من غرفة عملية سرية محصنة تضم قادة من الميليشيات العراقية والأفغانية واللبنانية وضباط النظام السوري.
وانتهت المعركة التي سبقها حصار القصير بالسيطرة عليها بعد قتل نحو 3 آلاف مدني سوري وتدمير أكثر من 90 بالمئة من المدينة، ليبدأ الأهالي قبيل دخول الميليشيات الإيرانية إليها بالتسلل خارجها عبر البساتين، لتكون أولى محطات التهجير الممنهج التي كان عرابها سليماني.
وأتبع سليماني جريمة القصير بحصار مدينتي الزبداني ومضايا غربي دمشق بالعام 2015، وشن حملة عسكرية على الزبداني تسببت بنزوح أهلها للجارة مضايا.
حيث حاصر سليماني وعناصره الأهالي في مضايا، وقصفوهم بالبراميل المتفجرة، وسط حصار فرضته القناصات الحرارية التي استهدفت كل ما يتحرك داخل المدينة، ليلجأ الأهالي حينها لأكل القطط والكلاب والحشائش وأوراق الأشجار بغية البقاء على قيد الحياة، قبل أن يتم تهجير الأهالي في العام 2017 نحو الشمال السوري.
وأواخر العام 2016، دخل سليماني مدينة حلب بعد أن دمر قسمها الشرقي على رؤوس ساكنيه، ليحتفل بالنصر على المدنيين العزل وفصائل الجيش الحر التي اضطر عناصرها لحمل السلاح والدفاع عن أنفسهم بوجه النظام السوري والميليشيات الإيرانية والطيران الروسي الذي كان أول تدخله بالحرب على الشعب السوري عند قصفه مدينة حلب.
وتسبب سليماني وميليشياته بقتل عشرات الآلاف من أهالي حلب، وتهجير سكان المدينة ضمن أكبر عملية تهجير شهدتها البلاد منذ اندلاع الثورة السورية بالعام 2011.
وبعد حلب، دخل سليماني ومجرميه البوكمال أواخر العام 2017 بعد انسحاب تنظيم الدولة "داعش" منها، ليتسبب بقتل المئات وتغييب أكثر من 300 مدني لم يتم الوصول إلى أي معلومة عن مكان تواجدهم، حتى الآن.
ليلتفت بعدها نحو جنوب البلاد ويساهم بتهجير أهالي الغوطتين الغربية والشرقية لدمشق وبعض الأحياء الدمشقية كالقابون وبرزة وجوبر بعد تدمير غالبية هذه المناطق، بالتزامن مع تهجير الآلاف من أهالي محافظتي درعا والقنيطرة جنوبي البلاد بعد السيطرة عليهما ضمن خدعة "المصالحة".
ويختم إجرامه بتهجير أهالي ريف حماة الشمالي وريفي حلب الغربي والجنوبي وريف إدلب الجنوبي قبيل مقتله بفترة قصيرة، وعبر الحملات العسكرية التي أفضت لاحتلال هذه المناطق بعد تدميرها بسياسة الأرض المحروقة.
وفي الختام، يمكن التأكيد أنَّ سليماني لم يحرز لقب مهندس التغيير الديمغرافي من فراغ، حيث أشارت إحصائيات أممية، صدرت نهاية العام 2019، إلى أنَّ الحرب ضد الشعب السوري تسببت بتهجير 6.6 مليون مواطن إلى 126 دولة حول العالم، بما نسبته 8.25 بالمئة من مجموع اللاجئين بالعالم، إلى جانب نحو 10 ملايين نازح داخل البلاد باتوا من سكان المخيمات والشمال السوري بعد أن احتلت الميليشيات الإيرانية منازلهم.