شبكة عين الفرات | الطرب بين وادي الفرات وحلب

عاجل

الطرب بين وادي الفرات وحلب

تختلف ألوان الغناء في سوريا باختلاف المنطقة وعاداتها ولهجاتها، وعلى الرغم من صغر المساحة الجغرافية لسوريا لكنها تميزت بالتنوع والاختلاف الذي أضفى جمالاً وجاذبية وقبولًا للمستمع أيًّا كان ذوقه.

وبمقارنة بسيطة بين الفن الحلبي مثلًا وفن وادي الفرات، نلاحظ أن الفن الحلبي بشكل عام تميز بقدرته على بث الفرح والسعادة والنشوة إلى درجة الحماس ما يجعل المستمع يبدأ بالتمايل والرقص باللاشعور، وذلك

على عكس الفن الفراتي، والذي يعتبر فنًّا جادًّا إلى حدّ ما، كما يحمل الكثير من مشاعر الألم والحسرة وغالبًا ما يذكر الفراق والموت ما يجعل المستمع يميل للحزن وربما للبكاء في بعض الأحيان. 

ولم يقف الفن الفراتي عند هذا الحد، بل وصل إلى مراحل متقدمة من هذا النوع حين أوجد لونًا غنائيًّا خاصًّا أُطلق عليه اسم "الفراقيات"، وهو لون خاصّ يذكر محاسن الموتى ويستدعي ذكراهم بأسلوب أقرب ما يكون إلى الرثاء منه إلى الغناء .

ومن الاختلافات الأخرى ما نسمعه في أغاني الغزل والحب، ففي الفن الحلبي يتفنن الحبيب بذكر صفات محبوبته. 

بينما في الفن الفراتي يلجأ الشاعر إلى التلميح في وصف المحبوبة بدل التصريح، ويكفيه من العشق أن يسمع اسمها أو يرى أثرًا لها في طريق أو منزل أو على شاطئ نهر لتتفتق عنده مشاعر الحب، ويحذر من ذكر اسمها أو إعلان لقائها بشكل صريح حفاظًا على سمعتها وخوفًا من أهلها. 

ومن هنا نلاحظ أثر العادات والتقاليد على الفن بشكل عام إضافة لتأثير الجغرافية وما تحمله من إرث فكري متوارث عبر عصور، وهو واضح بشكل أكبر في الفن الفراتي الذي تأثر كثيرًا بالفن العراقي الحزين حتى صار امتدادًا له في منطقتنا، بينما لا نجد هذا التأثير على الفن الحلبي الذي كان بعيدًا نوعًا ما عن هذا الأسلوب وهذه المدرسة.

 

عمر مرمر

20/6/2024

أخبار متعلقة