شبكة عين الفرات | "التسوية الأمنية" طُعم يستخدمه نظام الأسد لإنهاء معارضيه

عاجل

"التسوية الأمنية" طُعم يستخدمه نظام الأسد لإنهاء معارضيه

لم تكن حادثة وفاة الشاب "خضير برهان الوسمي" الأولى ولن تكون الأخيرة لمن يغدر به نظام الأسد بعد إجرائه "التسوية الأمنية" المزعومة.

حادثة "خضير" واحدة من عشرات وربما مئات الحالات التي نجح نظام الأسد خلالها باصطياد معارضيه، بعد إيهامهم بالعفو عنهم رغم خروجهم ضده إما بشكل سلمي أو حتى عبر الحراك المسلح.

التسوية الكاذبة 

الفكرة بدأت بعد توالي حملات الانشقاق من صفوف قوات النظام مع انطلاق العمل المسلح بعد بداية الثورة السورية بحوالي عام، وعجز النظام عن إيقاف تلك الانشقاقات.

واستغل نظام الأسد بعد ذلك حالة التراجع التي شهدتها الثوة وتوالي سقوط المناطق المحررة بيد الأسد وحلفائه، ما شكل ضغطًا كبيرًا على المعارضين هذا بالنسبة للوضع الداخلي.

ولم تكن أحوال السوييين بالخارج بأفضل مع التضييق الذي فرضته معظم دول اللجوء سواء العربية أو الغربية منها، وبدء بعضهم بترحيل السوريين إلى مناطق النظام.

وهنا بدأ النظام بالتزامن مع الحل العسكري إنشاء ما سماه "التسوية الأمنية" أو بطاقة المصالحة، ليقع في شباكه عدد من المغفلين أو المُجبرين على العودة.

المصيدة المحكمة 

من الملاحظ أن غالبية من وقع بطاقة "التسوية الأمنية" لم يتعرض له النظام فترة من الزمن قد تمتد لأكثر من عام.

والغاية بداية تحفيز غيره من المعارضين والفارين على العودة أسوة بمن سبقهم وإيهامهم أن "البطاقة الأمنية" سارية المفعول وليست مجرد ورقة لا قيمة لها.

إلا أن الواقع أوضح أن النظام وبمجرد فرض نفوذه على بقاع واسعة من البلاد وتوقف الحرب بدأ الالتفات لأصحاب "التسوية" وملاحقتهم متخذًا مبررات وحجج مختلفة.

فمنها أن صاحب "التسوية" متورط بقضايا جنائية وذوو القتلى رفعوا دعوى ضده ومنها اتهمه بالتورط بقضايا "الإرهاب" أو السرقة أو أنه مطلوب لـ "الخدمة الإلزامية" وغيرها من القضايا التي جعلها ذريعة لاعتقال.

النظام لن يسامح معارضيه

لا يختلف عاقلان أن نظام الأسد ينسى أو يسامح من وقف يومًا ولو بمجرد كلمة ضده، والأيام أثبتت غدر نظام الأسد بحلفائه قبل أعدائه.

وما كانت "التسوية الأمنية" سوى إحدى خدع النظام لاستجرار معارضيه وإيهاهم بعفو الأسد المزعوم قبل الانقضاض عليهم وزوجهم في غياهب المعتقلات ومن ثم تسليمهم إلى ذويهم "جثة هامدة".

فالذي غدر بأشد حلفائه إيران وأعطى الإسرائيليين وغيرهم إحداثيات كبار قادة "الحرس الثوري" وهي من أشد داعمي الأسد، من غير المعقول أن يغفل عن من قال له يوما لا أو إرحل ولو قدًم له ألف بطاقة "تسوية".

هل نعي الدرس؟

بعد كل ما سردناه من غدر نظام الأسد بمعارضيه وحتى مواليه، هل يتعظ من لازال يتأرجح بين هنا وهناك ومن لا زال يفكر بالعودة وإجراء ما تمسى "التسوية الأمنية".

والعاقل من اتعظ بغيره، ونظر بمصير غالبية من أجرى "التسوية" ما بين معتقل أو مغيب أو جثة هامدة.

وحتى من عاد وأمِن ولو مؤقتًا غدر النظام، فما هي المغريات التي عاد إلى مناطق النظام أو بالأحرى مناطق إيران من أجلها مع فقدان كل مقومات الحياة عنها ودفع الشبان جلّ ما يملكون للفرار منها.

والحقيقة في الختام أن "التسوية الأمنية" ما هي إلا خديعة جديدة من قبل نظام الأسد لتصفية كلّ من عارضه يومًا وخرج عن حظيرة الطاعة التي اعتاد خلال أعوام خلت حبس الناس بداخلها.

 

محمد أبو بكر

4/52024

أخبار متعلقة