شبكة عين الفرات | لماذا أضحكني؟

عاجل

لماذا أضحكني؟

خاص - عين الفرات 

مع بداية الحرب على غزة تكررت حوادث الاعتداء على المطارات السورية وتعطيلها من قبل الإسرائيليين حتى صار الخبر شبه يومي أو شبه اعتيادي، ليس لدى السوريين فحسب بل حتى عند النظام وإعلامه وأبواقه التشبيحية التي صدعت رؤوسنا بالسيادة الوطنية وبالرد المناسب في الوقت والطريقة المناسبة.

اللافت في أخبار قصف المطارات هو رد كثير من السوريين بالرمز أضحكني الذي يوحي بالشماتة والاستهزاء بالنظام وشبيحته، وما يحصل لهم من الإهانة ناهيك عما يصيبهم من الجروح وحتى القتل.

لكن ربما يسأل سائل عن سبب استخدام الرمز أضحكني بقصف المطارات التي تعتبر رمزًا مهمًّا من رموز البلاد، وضربها يعني إهانة معنوية لأصحابها؟ لكي نفهم القصة لابد أن نعود إلى جذورها.

منذ ثمانينيات القرن الماضي وبالتحديد في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي أقيمت في اللاذقية عام ١٩٨٧، ظهرت لأول مرة عبارة (أهلاً بكم في سوريا الأسد) على اللوحة الإلكترونية داخل الملعب وبأكثر من لغة، ونقلتها آنذاك كل قنوات العالم العربية والأجنبية، ومن هنا بدأت قصة تحول سورية تدريجياً من الجمهورية العربية السورية إلى سورية الأسد.

تحولت سورية إلى مزرعة بكل ما تحمله الكلمة من معنىً بيد الديكتاتور وعائلته، وتبنت الماكينة الإعلامية الأسدية جملة "المعلم الأول" التي حفظها السوريين عن ظهر قلب، في إشارة لحافظ الأسد، المعلم الأول والفلاح الأول والطيار الأول والرياضي الأول وزوجته هي السيدة الأولى.

كما فُرضت صور الأسد الأب على كل ما يتعلق بالإنسان السوري، بدءاً من الكتب والدفاتر مروراً بالملاعب والأفران والمدارس والكراجات وحتى الأكشاك والحمامات العامة.

ثم لتنطلق العائلة الأسدية تتصرف بهذه المزرعة تصرف المالك، ذلك عن طريق الاستثمارات المهمة وغير المهمة مثل النفط والفوسفات ومشاريع الري الكبرى وكان آخرها شركات الاتصال الخلوي.

جميع هذه المشاريع استولت عليها عائلة شاليش ومخلوف وهي عائلة السيدة الأولى زوجة الديكتاتور، بينما تفرغ حافظ مع إخوته وأبنائهم بالاستثمار بالجيش من عقود تسليح وإطعام وتفييش وبيع أراض شملت الجولان ذاته، وغيرها من صفقات الخيانة والإهانة لسورية ولشعبها على يد هذه العائلة.

إضافة لنشر المحسوبية والفساد داخل قطاعات الدولة وإطلاق يد المخابرات للتجسس على المواطنين، والاستفادة المادية من مشاريع الواسطة والمحسوبية في التعيينات والوظائف وما تدره من أموال لحساب هذه الفئة التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بالأسد، حيث شكلت مجتمعة ما يسمى النظام والذي يبدأ من الأسد في أعلى الهرم إلى أصغر شبيح طفيلي يعيش على مضرة الناس وأرزاقهم.

هذه الإجراءات مجتمعة جردت المواطن السوري من كل انتماءاته الوطنية، بعد أن تحولت المدرسة إلى مدرسة الأسد وكذلك الفرن والمطار والجيش والجامعة والمستشفى وغيرها من المرافق.

ومع بداية الثورة السورية ثبت للسوريين ولغيرهم أن الديكتاتور صار يمتلكهم أنفسهم وأبناءهم ودماءهم، فهو يقتل ويهجر من يشاء ويدمر ما يشاء بلا حسيب ولا رقيب مستخدماً هذه المطارات لتدمير ممتلكاتهم أو لاستقبال المليشيات التي ارتكبت فيهم المجازر، كما حول المشافي إلى مسالخ بشرية ارتكب فيها أبشع الجرائم على مرأى ومسمع العالم.

لهذه الأسباب يوقن الجميع أن هذه المطارات هي مطارات الأسد، ومن يدور في فلكه من شبيحة ومنتفعين، وآخرهم الإيرانيون الذين أصبحوا الآمر الناهي على النظام وزبانيته.

لذا وجب على كل سوري أن يشمت ويستهزئ بما حدث لهذه المطارات التي حفرت في ذاكرة السوريين أسوأ الذكريات، ودمرت فيهم كل شيء إلا الأمل بمستقبل زاهر يزخر بالتفاؤل والعدل والحرية ويخلو من الظلم والدكتاتورية.

كتبه عمر مرمر

21 ديسمبر 2023

 

 

 

 

 

 

 

 

أخبار متعلقة