شام البكور.. يتيمة مرتين
فجّر إنجاز الطفلة السورية شام البكور واختيارها بطلة "تحدي القراءة العربي" في الإمارات٫ فجر موجات متناقضة من الفرح والحزن والغضب في بيوت السوريين٫ كلٌ رأى المسألة من زاوية.
نظام الأسد الذي احتفل بالحدث أيّما احتفال كان هدفه الاستثمار بنجاح الطفلة شام لعكس صورة غير معتادة عن نظامه التعليمي المترهل والرداءة الراسخة في مؤسساته التعليمية منذ صعود البعث إلى السلطة في سبعينيات القرن الماضي.
ومن ناحية أخرى سعت استخبارات الأسد بسرقة نجاح الطفلة بكور وإظهارها بفيديو تهدي فوزها لرأس النظام بشار الأسد سعت إلى تمرير عدة رسائل٫ لعل أبرزها تصوير النظام بصاحب الفضل في تنشئة الأجيال الناجحة على عكس صورته الحالية بنظام عصابة لا يملك من أمره شيء ولا يقوى على إصدار قرار بدائرة محلية إلا بإذن من داعميه الروس والإيرانيين.
وتعددت الزوايا التي نظر إليها السوريون المكلومون من نظام الأسد في تغطيته لنجاح شام٫ ما يزال نظام الأسد يفاجئ هذه الفئة من السوريين بالقدر الكبير من وقاحته وقفزه على مآسيهم٫ إذ تداول مواقع سورية صورة والد الطفلة وهو يحملها عندما كان لا يتجاوز عمرها بضعه أشهر٫ قبل مقتله بقصف بالبراميل المتفجرة على مسقط رأسه في إحدى قرى ريف حلب الشمالي٫ فبدا النظام وكأنه ييتم هذه الطفلة مرتين٫ الأولى بقتله والدها والثانية بتقديمها الشكر لقاتل والدها الذي لم يخجل من سرقة موهبتها واستغلال مستقبلها لتحقيق مآربه الخبيثة.
ومن زاوية أخرى كان من اللافت بالنسبة لي - بوصفي عملت معلماً لسنوات طويلة - ضرورة ربط الحدث بحال المعلمين في مناطق سيطرة العصابة التي نسبت هذا الإنجاز زوراً وبهتاناً للقيادة " الحكيمة " التي كان آخر همها التعليم والمعلمين.
ففي ظل هذا النظام انحدرت العملية التعليمية إلى الحضيض بعد أن غيبت المعلم الذي يعد العمود الفقري في العملية التعليمية إلى غيابات الفقر والعوز.
وبالوقوف على ردود أفعال المعلمين على الخبر لاحظنا كثير من الغبطة والفرح بهذا الإنجاز يقابله كثير من الحزن والألم لما وصل إليه حال المعلمين اليوم بعد أن أصبح راتب المعلم الشهري لا يكفيه ثمن طبق من البيض مع بعض ليترات الزيت.
هذا الحال إضافة للأزمات الأخرى التي يشترك فيها المعلمون مع المواطنين الآخرين من تأمين الخبز والغاز المنزلي والكهرباء وغيرها انعكس على أداء المعلمين بشكل ملفت حتى صارت عملية الذهاب إلى المدرسة مجرد امضاء وقت للوصول إلى نهاية الشهر بانتظار الراتب.
ويرى كثير من المعلمين أن المشكلة التعليمية تبدأ من وزير التربية دارم طباع الذي أثار تعيينه في هذا المنصب كثيراً من إشارات الاستفهام لأنه طبيب بيطري ولا علاقة له بالعملية التعليمية لا من قريب ولا من بعيد. فهو أبعد ما يكون عن معاناة المعلمين ومشاكل التعليم التي لا يمكن أن يجد لها حلول إلا من دخل الصفوف وتدرج بالسلك التعليمي وعايش المشكلات التي يعانيها المعلمون عن قرب.
بينما يرى معلمون آخرون أن إضعاف العملية التعليمية أمر ممنهج يمتد لسنوات ما قبل الثورة وما تعيين وزراء للتربية من خارج السلك التعليمي إلا حلقة صغيرة في سلسلة تمتد لعقود من فساد الطغمة الحاكمة.
الكاتب: عمر مرمر