"سليقة القمح" وطقوسها التي مازالت تحافظ عليها نساء الفرات
عين الفرات
ما زالت أرياف مدينة الرقة تحتفظ بالكثير من العادات والتقاليد التي لم تندثر على مر الزمن، وإلى أيامنا الحالية تخافض النساء الفراتية على الموروثات التي تعلمنها من أمهاتهن وجداتهن، ومن هذه العادات تجهيز المؤونة الشتوية بطبخ السليقة أو كما تسمى باللهجة العامية (سليجة) والتي تأتي قبل مرحلة جرش البرغل.
فبعد الانتهاء من موسم الحصاد وجمع القمح تقوم نساء الريف بتحضير كمية من القمح للسليقة، وفرزها وتنقيتها من الشوائب كالشعير والبذور الأخرى والحصى والتراب فتجهز للطبخ حتى تنضج.
أم عساف، من أهالي ريف الرقة الجنوبي، قالت: " نأخذ كمية من القمح حسب الحاجة لإعدادها للسليقة، فبعد تصويلها بالماء لعدة مرات حتى تنظف من الشوائب والتراب وغيرها نأتي بالقدور إذا لم يكن لدينا نستعير من الجيران أكثر من قدر حتى تتسع للكمية ونقوم بطبخ القمح لعدة ساعات حتى ينضج، وتأتي هذه العادات في أواخر الصيف من كل عام وتقوم المرأة الفراتية بتجهيز مونة الشتاء والاستفادة من منتوجاتها.
وللسليقة طقوس وأجواء خاصة بأرياف الرقة، حيث ينتظرها الأطفال حتى تنضج، وكل منهم يحمل صحنه ليحصل على كمية مخصصة له.
ومع تقدم الصناعات وظهور المعامل التي تختص بطبخ البرغل لا زالت نساء الأرياف متمسكة بعاداتها والعمل اليدوي والاعتماد على أنفسهم.
وأشارت أم عبود إلى أنَّ البرغل الجاهز الذي تنتجه المعامل ليس له نكهته الريفية ولا يحمل نفس الطعم، وقالت "نحن نفضل أن نجهز مؤونتنا على أيدينا، ونعرف مصدرها، وتعمل عليها كل نساء الحي سوياً، نتساعد بطبخها، ونقوم بنقلها بعد الطبخ إلى الأسطح لتجفيفها على أشعة الشمس ثم يتم جرشها ومن بعدها نقوم بغربلتها بعدة غرابيل لفرز البرغل لعدة أصناف خشن وناعم حسب الرغبة".
ويذكر أنَّ أهالي أرياف الفرات مازالوا متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم ومازالوا يحافظون عليها ولم تندثر إلى يومنا هذا.