برلمان الأسد وصندوق الشولا
يستعد السوريون في مناطق النظام هذه الأيام لانتخابات "البرلمان" أو "مجلس الشعب"، لاختيار ممثلين عنهم لمراقبة الحكومة وما تتخذه من قرارات أو إجراءات طبعًا هذا نظريًّا ودعائيًّا.
لكن بالعودة إلى حال هذا المجلس وليس منذ تأسيسه، بل منذ سيطرة الأسد على السلطة إلى هذا اليوم وكيف تم سحب صلاحياته، واسقاط هيبته بعد إحداث مجموعة من القوانين التي تتماشى وسياسة النظام القمعية، والتي تكرس حكم الشخص الواحد.
وأهم هذه القوانين قانون حزب البعث "قائد الدولة والمجتمع"، وتُرجم ذلك بحجز 51 % من مقاعد المجلس للبعثيين وفيه سيطروا على قرارات المجلس بشكل كامل، ولم يكتف بذلك بل أتبعها الأسد بالضربة القاضية حين ابتدع ما أطلق عليه زورًا وبهتانًا "الجبهة الوطنية التقديمية" وهي مجموعة من الأحزاب الموالية لمصالحها الشخصية أولًا وللأسد ثانيًا، بعد أن منحها عدة وزارات للاسترزاق مقابل كسب ولائها وتبعيتها.
وبذلك انضمت أصوات هؤلاء لأصوات البعثيين لتشكل أغلبية ساحقة لصالح الدكتاتور وأفعاله، وللأسف لم يكتف الأسد بذلك بل بدأ بدعم بعض المرشحين "المستقلين" من فنانيين ورياضيين وشيوخ عشائر ومشاهير لشراء ذممهم "إن كان عندهم ذمة اصلاً" عن طريق تأمين مقاعد لهم داخل البرلمان مقابل الطاعة والولاء لـ"القائد المفدى".
وبقي في المجلس ثغرة بقدر ثقب المفتاح، ينظر منها بعض الحالمين بالديمقراطية الذين بذلوا الغالي والنفيس في سبيل إيصال أصواتهم إلى هذه القلعة المحنة، لكن يأبى الأسد إلا أن يسد هذه الثغرة بصندوق من أشواك الصبار وجذور النباتات اليابسة أطلق صندوق الشولا، هذا الصندوق أصبح مضربًا للأمثال خاصة في ديرالزور، بقدرته على تحويل الأشياء الى عكسها بلمحة بصر، والذي بوساطته تبدل مخابرات الأسد قوائم الناجحين الحقيقيين بقوائم أسماء تابعة لهم من أصحاب الوفاء والولاء للمصالح الشخصية ولـ"لقائد المفدى".
كتبه عمر مرمر
3 حزيران 2024