التلاقح الفكري بين داعش وخامنئي
خاص - عين الفرات
عمل نظام طهران منذ بداية الاحتجاجات الأخيرة في البلاد على تصدير أزمته تحت حجج عدة، منها مهاجمة معارضيه خارج الحدود أو قصف مواقع كردية قريبة من أربيل شمال العراق بذريعة إثارة هؤلاء حالة الغضب في البلاد، دون أن يجد بُدًّا من التفكير مجرد التفكير فقط بالأسباب الحقيقية وراء ما يحصل.
و دائمًا ما يضع نظام طهران تهمًا تُجرّم من يخرج ضده يتعلق معظمها بقضايا ما يدعيه "الحفاظ على القيم الدينية"، كان آخرها لفت أنظار الإيرانيين خاصة والمسلمين عامة إلى أن المشكلة الأصل في إيران هي دفاع خامنئي وأذرعه عن الحجاب واتخاذ "مخالفين" مواقف ضده في هذا الشأن فحسب، ليظهر نظام طهران أمام مرآته فقط أنه "محارَب لتمسكه بقيم معينة".
ذرائع نظام خامنئي هي ذاتها مبررات كل طواغيت التاريخ؛ إذ يتهم الفاسد معارضيه دائمًا أنهم يسعون لنشر الفساد، وأنه هو -وهو فقط- من يتولى حماية البلاد من هؤلاء "المفسدين"، وكان لنا مثال في فرعون عندما رفض دعوة نبي الله موسى عليه السلام، وكان لفرعون هذا موقف مشابه لموقف كل طغاة الأرض ومنهم بشار الأسد وخامنئي كذلك، "إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يُظهر في الأرض الفساد" (غافر ٢٦).
تحت هذه العناوين وغيرها قتل خامنئي ولا يزال آلاف الإيرانيين منذ سيطرته على الحكم في البلاد عام ١٩٧٩، ففي ماهشهر بمحافظة خوزستان على سبيل المثال ، أطلقت مليشيا "الحرس الثوري" الإيراني النار على المتظاهرين ثم لحقتهم المليشيا إلى الأهوار وحاصرتهم وأطلقت عليهم نيران رشاشاتها مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 100 شخص خلال دقائق. ومثل ذلك كل عام أو عامين حتى عامنا هذا، هؤلاء القتلى ومن سلم من زملائهم لم يخرجوا أبدًا لسخطهم من أي مبادئ دينية، ولم يطالبوا بالفساد بل بالقصاص من المفسد.
لم يطالب من تظاهر في إيران منذ عام ١٩٧٩ حتى عام ٢٠٢٢ من أجل إغلاق مسجد أو دار عبادة كما يدعي عادة نظام طهران، إنما ضد سوء إدارة النظام والكوارث الاقتصادية التي جرها للبلاد والعباد لقاء طموحات خامنئي الخيالية، هؤلاء لم يطالبوا قطعا بمنع الحجاب بل قالوا كلمتهم في وجه من جعل بلادهم آخر الأمم، بالضبط تمامًا عندما خرج السوريون ضد الأسد، وتمامًا كذلك عندما رفض هؤلاء السوريون استخدام تنظيم "داعش" للدين غطاء لإجرامه.