شبكة عين الفرات | عين الفرات تكشف خفايا قاعدة الإمام علي ببادية البوكمال.. أكبر وأخطر مستعمرة إيرانية خارج الحدود

عاجل

عين الفرات تكشف خفايا قاعدة الإمام علي ببادية البوكمال.. أكبر وأخطر مستعمرة إيرانية خارج الحدود

تحقيق-خاص شبكة عين الفرات

تسعى إيران إلى البقاء في سورية لفترة طويلة، من خلال المشاريع الاجتماعية والسياسية والعسكرية في عدة محافظات تبدأ من الحدود العراقية السورية وتنتهي عند الحدود السورية اللبنانية.

أهم الأعمال العسكرية الهادفة إلى إبقاء القوات الإيرانية أطول فترة ممكنة في سورية هي (قاعدة الإمام علي) التي تعد أكبر قاعدة عسكرية خارج الحدود الإيرانية، تقع قرب الحدود السورية العراقية وبهذا تمكّن الحرس الثوري الإيراني من مد نفوذه في البلدين عبر هذه القاعدة.

بدأ العمل بالقاعدة في منتصف عام 2018 بعد قرار من مرشد الثورة الإيرانية، علي خامنئي، الذي كُلّف فيلق القدس الإيراني بإنشائها على اعتباره الوحدة العسكرية العاملة خارج الحدود الإيرانية، واختير لها اسم "قاعدة الإمام علي" لما يحمله هذا الاسم من قدسية عند المذهب الشيعي، ما يُسهل عملية جذب واستقطاب الشباب للانتساب للمليشيات التي تخضع لهذه القاعدة

أشرف الحاج أبو عبد الله (قائد في فيلق القدس الإيراني) على وضع اللبنات الأولى للقاعدة واستمر العمل تحت إشرافه بضعة أشهر، ثم تسلم الحج عسكر المهمة لأسباب مجهولة ليستمر في العمل بالقاعدة حتى يومنا هذا، ورغم تعرضها لعدد كبير من الغارات والضربات الصاروخية من قبل إسرائيل والتحالف الدولي في سوريا، إلا أن هذه الضربات لم تؤثر بشكل كبير على تجهيزات القاعدة لأنها محصنة بمتاريس تحت الأرض.

عين الفرات تكشف خفايا قاعدة الإمام علي ببادية البوكمال.. أكبر وأخطر مستعمرة إيرانية خارج الحدود

مكان القاعدة:

تقع قاعدة الإمام عند الجهة الجنوبية لمدينة البوكمال باتجاه البادية وتم تقسيمها إلى ثلاثة أقسام رئيسية:

 القسم الأول من قاعدة الإمام علي:

يقع القسم الأول من القاعدة في منطقة الحسيان جنوب غرب مدينة البوكمال، وكان العمل فيها دقيق وسري جداً، وتعتبر هي الأهم بين القواعد الثلاث، فبحسب مصادر خاصة لشبكة "عين الفرات" يضم هذا القسم مستودعات سلاح ضخمة، ومستودعات صواريخ بعيدة المدى وصواريخ سكود عملاقة، ويخزن الحرس الثوري الإيراني فيها مجموعة من الصواريخ المصنّعة في إيران مثل صواريخ الرعد وصواريخ فجر5، كما تحتوي على منصات لإطلاق هذه الصواريخ. وجهزت القوات الإيرانية مستودع صواريخ حرارية مجهز بمتطلبات الحماية من القصف الجوي والصاروخي، فيما نشرت أجهزة رصد ومراقبة إيرانية في معظم أجزاء القاعدة.

عين الفرات تكشف خفايا قاعدة الإمام علي ببادية البوكمال.. أكبر وأخطر مستعمرة إيرانية خارج الحدود

أدخلت القوات الإيرانية الصواريخ إلى قاعدة الإمام علي على دفعات بواسطة شاحنات (برادات) كبيرة مغلقة وسيارات نقل الخضار القادمة من إيران عن طريق المعبر الإيراني، حيث تصل القاعدة ليلاً مع إعلان حظر التجوال.

ويُعد الحاج أبو الحارث الإيراني المسؤول المباشر عن القسم الأول من قاعدة الإمام علي. أما عن بدايات إنشاء القاعدة فبعد معاينة مكان إنشاء القاعدة وضعت مخططات بناء القاعدة بإشراف مهندسين إيرانيين، ليعمل على تنفيذها قسم الإنشاءات التابع للحرس الثوري الإيراني، ويوفر بعض متعهدي البناء المحليين الموالين لإيران مثل، جميل فارس الدغيم، اليد العاملة وبعض الآليات من حفارات وجرافات وغيرها، لتشارك بالعمل مع ورشات استقدمت من قرية حطلة (شرق ديرالزور) التي ينتسب بعض أهلها للمذهب الشيعي.

اقرأ أيضاً: بعناصر محليين وأفغانيين.. الميليـ.ـشيات الإيرانية تعزز قاعدة الإمام علي بالمزيد من النقاط العسكرية شرقي البوكمال

وتعمل الورشات على تحديد القطاعات وفق مخططات البناء، ليبدأ الحفر بعمق يصل إلى 6 أمتار وبمساحة نحو 600 متر مربع، لتشكل قالب المستودعات أو المهاجع، ويتم بعدها تحويل الحفر إلى صناديق بيتونية كبيرة، بعد أن يجلب الحرس الثوري مواد البناء الأساسية من إيران عن طريق العراق ويتم إدخالها ليلاً إلى سوريا.

وبعد بناء الجسم البيتوني ينتهي عمل الورشات المحلية، ويبدأ عمل ورشات إيرانية مختصة بتحويل هذه الكتل البيتونية إلى قواطع معدة لتحمل ضغط الانفجارات ومقاومة للرطوبة، كما تترك البوابات بعيدة عن المبنى مسافة تقدر بـ 15 متر وهي مجهزة أيضا بالإسمنت، ويتم توسيع البوابة والنفق لتسمح بدخول سيارات الى داخل المستودع ويبعد كل بناء حوالي 20 متر عن الآخر وهي متصلة بشبكة أنفاق كبيرة تسمح بحركة الآليات داخلها.

إضافة إلى المستودعات الخاصة بالصواريخ والأسلحة الثقيلة يضم القسم الأول من القاعدة "حُسينية" ومساكن خاصة بالضباط والجنود الإيرانيين، كما يحوي هذا القسم مقرات قيادة رئيسية وغرف عمليات عسكرية ومقرات للإشارة والاتصالات، ومستودعات للمواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب معدة للاحتفاظ بهذه المواد فترات طويلة، ولتزويد هذا القسم بالماء الصالح للشرب حفر الإيرانيون آباراً تساعد في استجرار الماء للقاعدة للغسيل والتنظيف.

تأمين القسم الأول من قاعدة الإمام علي وحمايته:

يحيط بالقسم الأول من قاعدة الإمام علي أكثر من 60 دشمة لحمايتها، كما زرعت وحدات الهندسة التابعة لفيلق القدس إقسومات وحقول ألغام في الطرق والأراضي حول القاعدة، باستثناء الطرق المخصصة للمليشيات، بالإضافة لكاميرات المراقبة، في محاولة لتأمين القاعدة من عمليات التسلل والاختراق.

وتعتبر منطقة الحمدان هي مركز الحماية والتدخل السريع في حال كانت هناك حاجة لذلك. وتمت مصادرة جميع الممتلكات بالقرب من القاعدة ومنع الاقتراب منها.

مداخل القسم الأول من قاعدة الإمام علي

 هناك عدة مداخل لقاعدة الإمام علي ومنها سرية، يوجد أحدها على أطراف منطقة الحزام الأخضر من الجهة الغربية، وهو متصل بالنفق الذي جهزه تنظيم الدولة "داعـ.ـش" والذي عملت المليشيات على تجهيزه وتوسيعه حيث أصبح يستوعب حجم الآليات العسكرية، كما يوجد مدخل من جهة منطقة الحمدان وهو طريق ترابي، ومدخل آخر من منطقة الحزام الأخضر.

زار القاعدة وفد رفيع المستوى من حزب الله اللبناني وقياديين إيرانيين ولم يسمح لضباط النظام السوري زيارتها، ويقوم الحاج مهدي الايراني قائد المليشيات الإيرانية في المنطقة الشرقية بزيارة القاعدة بين فترة وأخرى للإشراف على تقدم إنشائها، فيما كُلف الحاج عسكر الايراني قائد المليشيات في المنطقة بالإشراف المباشر على القاعدة.

القسم الثاني من قاعدة الإمام علي:

يقع القسم الثاني من قاعدة الامام علي في منطقة الصلبي بريف البوكمال، ويمتد هذا على مساحة واسعة يلاحظ فيها انتشار للأبنية فوق الأرض، لكن القاعدة الأساسية والسرية محصورة في مساحة معينة مخفية تحت الأرض، فيما تستخدم الميليشيات بقية المساحة للتمويه وإخفاء مكان هذا الجزء.

عين الفرات تكشف خفايا قاعدة الإمام علي ببادية البوكمال.. أكبر وأخطر مستعمرة إيرانية خارج الحدود

وتختلف تضاريس القسم الثاني من قاعدة الإمام علي عن جزئها الأول بأنها منطقة مُشجّرة، وفيها جبال ووديان .. ولها عدة مداخل أهمها المدخل الرئيسي من جهة الهري من منطقة الصلبي والسكة بشكل مباشر، ومدخل بالقرب من جسر السكة المهدوم، كما يوجد مدخل سري وهو نفق يصل إلى حي التنك في منطقة حصيبة العراقية، حيث يوجد هناك مقرات تابعة لفيلق القدس، وهذا النفق كان تنظيم داعـ.ـش عمل على حفره سابقاً، وعملت المليشيات على تطويره لمصلحتها في القاعدة.

بدأ العمل بالقسم الثاني من قاعدة الإمام علي في نهاية عام 2018، أي بعد أشهر قليلة على البدء بإنشاء القسم الأول من القاعدة، بعد عمليات مسح ودراسة لتضاريس المنطقة والتأكد من ملاءمتها للمخططات المعدة للقاعدة.

عملت ورشات الحفر على صناعة تجاويف داخل الجبال الموجودة هناك وإنشاء تقطيعات إسمنتية تهدف إلى الاستفادة من الجبال كحماية طبيعية إضافية للحماية التي توفرها مخططات الإنشاء، حيث وضع في كل جهة بناء جدارين من الإسمنت المسلح بينهما ويتم ردمه من كل الجهات بعد تجهيزه بشكل كامل وتبقى فقط واجهة البناء من ضمن الجبل. وتختلف مساحة كل بناء باختلاف حجم الجبل او التلة الحاضنة له، كما أنشأت ورشات البناء مستودعين شبيهين بالمستودعات التي أنشأتها بالقسم الأول من القاعدة، بشكل كتل اسمنتية تحت الأرض ومتصلة بشبكة أنفاق تصلهما ببعضهما.

تأمين القسم الثاني من قاعدة الإمام علي وحمايته

يوجد دشم على طول المنطقة الواصلة بين قسمي القاعدة، وزرعت إقسومات وحقول ألغام في محيطها ودعمت أكثر من جهة البادية، حيث استقدم الحرس الثوري عشرات الغرف مسبقة الصنع ونقلها إلى منطقة الحزام والحسيان ومنطقة الخرش (التي يتواجد فيها القسم الثالث من القاعدة) لزيادة نقاط الحراسة وعدد العناصر بهدف توسعتها بشكل أكبر.

أما المسؤول المباشر عن القسم الثاني من قاعدة الإمام علي فهو الحاج أبو محمد الإيراني ومقر إقامته في منطقة الحزام، بجانبه منزل ومقر سري للحاج عسكر الايراني القائد العام والمشرف على بناء القاعدة بشكل كامل.

يعتبر القسم الثاني من قاعدة الإمام علي قاعدة دفاع جوي، حيث تحتوي على مستودعات صواريخ مضادة للطيران وقواعد إطلاق صواريخ جوية بعيدة المدى. وتم وضع رادارات في الجبال التي تم تفريغها بهدف رصد الطائرات في منطقة القاعدة

على غرار القسم الأول للقاعدة فإن قسمها الثاني يحوي حسينية تقام فيها طقوس شيعية، ومعمل ثلج وغرف عمليات وغرف إشارة ومستودعات كبيرة للذخيرة المضادة للطائرات، كما رصدت مصادر عين الفرات من داخل الميليشيات الإيرانية وجود عربات شيلكا م/ط.

ويحتوي القسم الثاني على مستودع لطائرات الاستطلاع الصغيرة التي تعمل بجهاز تحكم عن بعد، وتم إنشاء أبراج رصد للمراقبة وبرج إشارة وبرج اتصالات.

استهدفت القسم الثاني من قاعدة الإمام علي عدة مرات من قبل طيران التحالف، كانت نتائجها تدمير منزل الحاج عسكر والحسينية ومعمل الثلج الموجود فيه، إلا أن مستودعات الصواريخ لم تستهدف بشكل مباشر.

 وجلب الحرس الثوري المواد الأساسية لبناء القسم الثاني من قاعدة الإمام علي من دمشق وبعضها من إيران، حيث كانت المواد القادمة من دمشق تدخل القاعدة نهاراً والقادمة من إيران تدخل ليلاً بشكل سري.

والواضح أن المليشيات قد جهزت القواعد من سلاح وآبار مياه ومواد غذائية واتصالات ومربعات أمنية وغرف سكنية وأنفاق تصل بالعراق وذلك تحسباً من أن تقع حرب على الميليشيات تجبرهم على الخروج من المدينة والريف ليتحصنوا في القاعدة.

وفي محيط القسم الثاني من قاعدة الإمام علي يوجد لواء الإمام الحُجّة الموجود بأطراف قرية الهري وعدد عناصره حوالي ١٥٠ عنصر يحملون الجنسيتين الإيرانية والعراقية وعملهم يشمل التنسيق بين قواعد الإمام علي الثلاث من الناحية العسكرية، والغرض من وجود هذا اللواء تأمين حماية وتأمين المعلومات عن الاختراقات التي تتعرض لها القواعد وبحسب مصادرنا من داخل الميليشيات فإن هؤلاء العناصر يوصفون بأنهم الأكثر تشدداً بين الميليشيات الإيرانية والعراقية.

القسم الثالث من قاعدة الإمام علي:

يقع القسم الثالث من قاعدة الإمام علي في منطقة الخرش على الشريط الحدودي بين العراق وسورية بالقرب من مخفر الخرش الحدودي سابقا وتم بنائها مؤخراً،  ويربو على تلة عالية تبعد حوالي 35 كيلو متر عن مدينة البوكمال، وهي قاعدة دفاع جوي ويوجد فيها رادارات وصواريخ مضادة للطائرات.

عين الفرات تكشف خفايا قاعدة الإمام علي ببادية البوكمال.. أكبر وأخطر مستعمرة إيرانية خارج الحدود

وفيه مستودعات سلاح متوسط وثقيل وذخيرة، ويتصل هذا القسم بالعراق مباشرة ما يسهّل عملية تزويده بالإمدادادات العسكرية واللوجستية.

مهمة القسم الثالث من قاعدة الإمام علي حماية القسمين الأول والثاني من القاعدة، وهذا القسم من القاعدة محصّن بشكل كبير ضد الغارات الجوية، تتبع قيادته للحاج عسكر أما المسؤول المباشر عنه يدعى الحاج رضوان الإيراني.

ويحتوي القسم على آبار مياه، مستودع للأغذية، وغرفة إشارة واتصال، كما نصب فيه أبراج مراقبة ورادارات. ونقل إليه غرف مسبقة الصنع لاستخدامات متعددة.

اقرأ أيضاً: طيران مجهول يستهدف مستودعاً للحرس الثوري بقاعدة "الإمام علي" عند أطراف البوكمال

الملاحظ أن هذا القسم هو الوحيد الذي انتهت ورشات العمل من إنشائه بشكل كامل وذلك لعدم وجود امتداد له أو اتصاله بمواقع قريبة معها، ولها ثلاث نقاط متوزعة بالقرب من القاعدة وفيها 200 عنصر من الجنسية العراقية والإيرانية والأفغانية وكلهم من أصحاب الاختصاص والخبرة.

ولا يمكن الوصول للقسم الثالث من قاعدة الإمام علي إلا من قبل القادة المسؤولين عنه، وذكرت المصادر أنهم محددين بالاسم، ويمنع الاقتراب منه حتى من قبل العناصر الإيرانيين والعراقيين التابعين للحرس الثوري الإيراني.

أخبار متعلقة